top of page

التعليم في تونس: بين المساواة المنشودة والواقع الجندري في الصفوف الدراسية

Selma Boufaroua

أثناء انتفاضة عام 2011، كانت لدينا أحلام كبيرة. حلمنا بالمساواة مع الرجال، بأن نصبح مواطنات بكامل الحقوق والواجبات، وأن نحصل على مكان حقيقي في السياسة.


هكذا عبّرت نيلة الزغلامي، إحدى القياديات البارزات في الدفاع عن حقوق النساء. في ذلك الوقت، نزلت التونسيات إلى الشوارع للتنديد بالهيمنة الذكورية في المجال السياسي في تونس. لكن هذه المظاهرات لم تقتصر على المطالبة بمكان في السياسة، بل كانت تعبيرًا عن طموح أوسع: تحقيق مساواة حقيقية بين الرجال والنساء في جميع مجالات المجتمع.


اليوم، يؤكد الكثيرون أن تقدمًا هامًا قد تحقق. ومع ذلك، تصرّ نيلة الزغلامي، الأمينة العامة للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، على أن هذا الحلم بالمساواة لا يزال غير مكتمل. فلماذا تستمر هذه المقاومة رغم التقدّم المحرز؟


هذه التساؤلات دفعتني إلى البحث عن إجابات تتجاوز الخطابات السياسية والقوانين الرسمية. لفهم استمرارية هذه الفجوة بين الجنسين، بدا لي من الضروري العودة إلى أسس المجتمع نفسه: التعليم. فهو الذي، منذ الطفولة، يشكل تصوراتنا وطموحاتنا وفهمنا لأدوار الرجال والنساء في المجتمع.


إذا كانت الرسائل التي نتلقاها منذ الصغر تحصر الفتيات في أدوار محددة مسبقًا، فكيف يمكننا أن نأمل في حدوث تغيير حقيقي في العقليات؟


قادني هذا التفكير إلى موضوعي الرئيسي: دور التعليم في استمرار أو تقليص الفجوة بين الجنسين في تونس.


لتعميق تحليلي، تواصلت مع السيدة إيمان، وهي معلمة شابة في مدرسة ابتدائية في المنستير. معًا، قمنا بمراقبة فصل دراسي يضم 21 طالبًا تتراوح أعمارهم بين 10 و14 سنة (14 فتاة و7 فتيان)، في مدرسة "روضات الرستستو"، لفهم كيف تؤثر الممارسات التعليمية على تصور النوع الاجتماعي


أجرى المعهد العربي لحقوق الإنسان دراسة كمية حول الرجال والمساواة بين الجنسين تهدف إلى فهم كيفية تفاعل الرجال مع المساواة بين الجنسين ومساهمتهم في تمكين المرأة.


تم ذلك من خلال استبيان استهدف 1200 رجل و1200 امرأة من عينات تمثيلية للسكان التونسيين، وُزعت على 120 منطقة إحصائية تم اختيارها عشوائيًا في جميع أنحاء الجمهورية، بمعدل 80 أسرة تقريبًا في كل ولاية، مما أتاح استجواب 20 أسرة في كل منطقة.


كشفت الدراسة أن نسبة الرجال والنساء البالغين الذين شاركوا في الأعمال المنزلية خلال طفولتهم (بين 13 و18 عامًا) لا تزال أعلى بكثير لدى النساء مقارنة بالرجال.


فعلى سبيل المثال، %91 من النساء كنّ يقمن بتنظيف المنزل مقارنة بـ %53 فقط من الرجال، و%78 من النساء كنّ يطبخن مقابل %43 فقط من الرجال.


يطرح هذا السؤال الجوهري: هل هذا التقسيم الجندري للمهام متجذر أيضًا في المناهج الدراسية والكتب المدرسية للأطفال؟


للإجابة على هذا السؤال، قمنا بدراسة كتاب مدرسي تونسي مخصص لطلاب السنة السادسة من التعليم الأساسي (ما يعادل الصف الخامس الابتدائي).


هذه الدراسة، التي أنجزها معهد يوروميد رايت عام 2016، كشفت عن تمثيل مفرط للرجال في المجالات المهنية، بينما تظهر النساء في الغالب في سياقات مرتبطة بالمنزل والأسرة.


وفقًا للتقرير، من بين 100 شخصية مذكورة في النصوص، هناك 79 من الرجال مقابل 31 فقط من النساء، مما يعكس هيمنة الذكور على الفضاء العام.


علاوة على ذلك، من بين 32 شخصية تمارس مهنة، هناك فقط 5 نساء (%15.6)، في حين أن نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة في تونس تصل إلى %30، أي ضعف هذا الرقم.


يمكن ملاحظة ذلك أيضًا في الرسوم التوضيحية، حيث يظهر الرجال في مجموعة متنوعة من الأنشطة مثل ركوب الخيل أو العمل في مهن تتطلب القوة والشجاعة، بينما تقتصر النساء على مهن مثل الخياطة، التدريس، والرعاية الصحية أو رعاية الأطفال.


هذا التفاوت بين الواقع الاجتماعي والصور المتداولة في الكتب المدرسية له تأثير مباشر على الطموحات المهنية للأطفال.


للتحقق من هذه الفرضية، أجرينا استبيانًا داخل صف السيدة إيمان. ومن بين جميع الإجابات، لفتت هذه النتائج انتباهي بشكل خاص:


  • %57.1 من الفتيات يرغبن في أن يصبحن معلمات، في حين لم يختر أيٌّ من الفتيان هذه المهنة.


  • يتجه الفتيان غالبًا إلى مهن تقنية أو بدنية (رياضي، شرطي، مهندس).


  • فتاة واحدة فقط أعربت عن رغبتها في أن تصبح صحفية.


حتى بعد تعديل الإحصاءات وفقًا للاختلاف العددي بين الفتيان والفتيات في الفصل، تظل الخيارات المهنية مقسمة بوضوح وفقًا للجنس: تتجه الفتيات نحو المهن في القطاع التعليمي أو الخاص، بينما يفضل الفتيان المهن التقنية أو تلك ذات الطابع العام.


تُظهر هذه الشهادات التأثير العميق للمعايير التعليمية والثقافية على الأطفال.


في النهاية، وعلى الرغم من التقدم القانوني الذي تم إحرازه في تونس، فإن تغيير العقليات يستغرق وقتًا أطول.


يلعب التعليم دورًا محوريًا في هذه العملية. ربما حان الوقت لإدخال وحدات تعليمية حول المساواة بين الجنسين في المدارس الابتدائية، أو حتى تدريب المعلمين على تفكيك الصور النمطية الجندرية في أساليبهم التربوية.



Photo Source: Bruno Sanchez-Andrade, Flickr

Screen Shot 2022-07-23 at 9.40.54 AM.png

The independent student newspaper of Paris Institute of Political Studies, Menton campus.

For inquiries, general comments, concerns, or corrections, contact us at:

mentontimes@gmail.com

© The Menton Times 2025

bottom of page